
ما لم تقله زرقاء اليمامة
شَيءٌ يُطِلُّ الآنَ مِنْ هذي الذُّرى
أَحتاجُ دَمعَ الأنبياءِ لِكَي أَرَى
النَّصُّ للعرَّافِ والتّأويلُ لِيْ
يَتَشَاكَسَانِ هُنَاكَ: قَالَ وفَسّرَا
مَا قُلْتُ للنجمِ المُعلّقِ دُلّنِيْ
مَا نمتُ كي أصطادَ رُؤيا في الكَرَى
شَجَرٌ من الحدسِ القَدِيْمِ هَزَزتُهُ
حَتّى قَبضتُ المَاءَ حينَ تبخَّرَا
لا سِرَّ .. فانُوسُ النُبوءةِ قالَ لِيْ
ماذا سيجري حينَ طالعَ مَا جَرَى
فِي الموسمِ الآتي سيأكُلُ آدمٌ
تفاحَتَيْنِ وَذنبهُ لن يُغْفَرَا
الأرْضُ سَوفَ تشيخُ قبل أوانِهَا
الموتُ سوفَ يكونُ فينا أنهُرَا
وَسَيعبُرُ الطوفانُ مِن أوطانِنَا
مَنْ يُقنع الطُّوفان ألا يَعْبُرَا
ستقولُ ألْسِنةُ الذُّبَابِ قَصيْدَةً
وسيرتقي ذئبُ الجبالِ المِنْبَرَا
فَوضى وتُنبئُ كلَّ من مرّتْ بهم
سيعود سيفُ القرمطيِّ ليثأَرا
وسيسقطُ المعنى على أنقاضِنَا
حَتَّى الأمامُ سيستَدِيْرُ إِلَى الوَرَا…
في الموسم الآتي ستشتبكُ الرؤى
ستزيدُ أشجارُ الضَّبابِ تَجَذُّرَا
وَسَيُنكرُ الأعمَى عَصَاهُ ويَرتَدِيْ
نظَّارتينِ من السَّرَابِ لِيُبصِرَا
سيرَى القَبِيْلَةَ وهي تَصلُبُ عبْدَها
فالأزْدُ لا زالتْ تخافُ الشَّنفرَى
سيرى المُؤذِّنَ والإمامَ كِلاهُما
سيقولُ: إنَّا لاحِقَانِ بقيصَرا
في الموسمِ الآتِيْ مزادٌ مُعلَنٌ
حتّى دَمُ الموتى يُباعُ ويُشتَرَى
ناديتُ: يَا يَعْقُوب تِلكَ نُبُوءَتِيْ
الغيمةُ الحُبْلَى هُنَا لن تُمْطِرَا
قَالَ: اتّخِذْ هَذَا الظَّلام خَرِيْطَةً
عندَ الصَّباحِ سيحمد القَومُ السُّرَى
لا تَبتَئِسْ؛ فالبئرُ يومٌ واحِدٌ
وغدًا تُأمِّرُكَ الرِّياحُ على القُرَى
إخلعْ سَوادَكَ .. في المدينةِ نِسوةٌ
قَطَّعنَ أيديهنَّ عنكَ تَصَبُّرَا
قُمْ .. صَلِّ نَافلةَ الوصولِ تَحيَّةً
للخارجينَ الآنَ مِنْ صَمتِ الثَّرَى
واكْشِفْ لِأخوتِكَ الطَّريقَ؛ لِيَدخُلُوا
مِنْ ألفِ بابٍ إِنْ أَرادُوا خَيْبَرَا
ستَجيءُ سَبعٌ مُرّةٌ .. فلتَخزِنُوا
من حكمةِ الوجَعِ المُصَابِر سُكَّرَا
سبعٌ عِجافٌ .. فاضبِطُوا أنفَاسَكُم
مِنْ بعدِهَا التَّاريخُ يرجِعُ أَخْضَرَا
هِيَ تلكَ قافلةُ البشيرِ تَلُوحُ لِيْ
مُدُّوا خيامَ القلبِ، واشتَعِلُوا قِرَى
أشتمُّ رائِحَةَ القَمِيصِ .. وطالمَا
هطَلَ القَميصُ على العُيُون وبَشَّرَا
..
محمد عبد الباري، شاعر سوداني