السودانشعراء معاصرونمحمد عبد الباري

الدخول إلى البردة

محمد عبد الباري

 

موقع معاصرون

 

 

الدخول إلى البردة

 

غيمةٌ تهجسُ بالبدوِ القدامى

لمستني

فتطايرتُ حماما

 

لازوردٌ

في السمواتِ العُلى

يكشفُ الليلَ عن الليلِ

تماما

 

قبةٌ خضراءُ

مذ أبصرتُها

خلعَتْ نفسيَ عن نفسِي الضِّراما

 

ومناراتٌ بكتْ أنوارُها

بين عينيَّ

فأنستني الظلاما

 

وشبابيكُ على ريحانها

قد تناثرتُ صلاةً وسلاما

 

يا أبا الزهراءِ

باركْ هجرتي

فأنا خلفَكَ صلَّيتُ القِياما

 

 

جئتُ كي أخرجَ من تغريبتي

فعلى القصواءِ علِّقني زماما

 

مُرْ “حنينَ الجذعِ” أن يبكي معي

ليُعزِّي المستهامُ المستهاما

 

وانتدبني “للبقيعِ” المشتهى

نجمةً

تحرسُ أسرارَ الخُزامى

 

يا ندى الأشياءِ، يا نعناعَها

لا تَلُمْني

إن تدفَّقتُ غراما

 

واقفٌ منكَ أنَا في جمرةٍ

أوشكتْ واللهِ تخضرُّ هُياما

 

تصعدُ الحضرةُ بي للمنتهى

حين أتلوكَ

مقامًا

فمقاما

 

أنمحي في الملأ الأعلى

فلا

يظمأُ القلبُ ولا يشكو الزِّحاما

 

أتمنى

والدراويشُ معي

نظرةً منكَ لأصطادَ الكلاما

 

يا أبا الزهراءِ

ذكراك معي

لم تفارقني، رحيلًا ومُقاما

 

كنتَ في أغنيةٍ تحرسُ مهدي

وحليبٍ لم أُرِدْ منه الفِطاما

 

صمتُ..صلَّيتُ

ونجواكَ على

شفتي

يا خيرَ من صلى وصاما

 

ولكم جفَّفتُ صحوي

وأنا

أعبرُ الغيبَ

لألقاكَ مناما

 

علَّني في “أُحُدٍ” أُصبحُ درعًا

بين جنبيكَ

وفي “بدرٍ” حُساما

 

علَّني أعصفُ في الرِّيحِ الَّتي

طوتِ “الخندقَ” تجتثُ الخِياما

 

علني أعصرُ روحي مطرًا

في “تبوكٍ”

لتُغطِّيكَ غَماما

 

سيدي..

أحملُ جَدْبَيْنِ معي:

قلقًا مُرًّا، وإحساسًا مُضاما

 

لم ينم شكِّي ولا سفسطتي

أعطني “غارَ حراءٍ” كي يناما!

 

مُد لي صوتَك أعتَّمُّ به

كلَّما تفاحةٌ سالتْ حَراما

 

مُد لي “لاءك”

كي لا أنحني

حينما أخترقُ الموتَ الزُّؤاما

 

مد لي قلبكَ

كي أبكي به

فهنا الإنسانُ قد عادَ رُخاما

 

مُد لي عبر الأعاصيرِ يدًا

منكَ

كي أرعى بها كلَّ اليتامى

 

مُد لي روحكَ

كي أمشي بها

في جياعِ الأرضِ ماءً وطَعَاما

 

تنزفُ الرَّهبةُ في عالمِنا

والنَّبيُّونَ يُشعُّون سلامَا

 

عند سيناءَ

أضاؤوا شمسَهم

وأداروها عراقًا وشآما

 

سافروا في شجرِ الوقتِ هدًى

ثم عادوا للسَّماواتِ

يماما

 

أزلٌ جفَّ

وهم من بدئِه

قصةٌ

قد وجدَتْ فيكَ الخِتاما

 

دقَ جبريلُ النِّهاياتِ

على

صوتِكَ العالي

وأعطاك التَّماما

 

ثمَّ أهداكَ براقًا أبيضًا

لتُصلِّي بالمحبينَ إماما

.

محمد عبد الباري، شاعر سوداني

 

قصائد أخرى للشاعر:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى